اللعب على وتر الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل كارثة وجريمة..!

اللعب على وتر الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل كارثة وجريمة..!

  • اللعب على وتر الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل كارثة وجريمة..!

اخرى قبل 4 سنة

اللعب على وتر الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل كارثة وجريمة..!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس

إن غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدانية التمثيل السياسي وعدم بلورته قبل النكبة الكبرى سنة 1948 م، مثل احد اهم عناصر الضعف للشعب الفلسطيني حينها ، سهل للعصابات الصهيونية والقوى الإستعمارية تنفيذ جريمة اغتصاب الجزء الأعظم من الاراضي الفلسطينية واقامة الكيان الصهيوني عليها، وتهجير العدد الأكبر من الشعب الفلسطيني وتحويلهم الى لاجئين ، لقد كان البحث عن صيغة قانونية تمثل الشعب الفلسطيني تعبر عن آماله وتطلعاته الوطنية ضرورة حتمية في ظل واقع التجزئة العربية التي فرضتها القوى الاستعمارية على العرب ، إن تغييب الوحدة الوطنية الفلسطينية وشطب الهوية الفلسطينية هدفا استعماريا صهيونيا، مثل ركنا اساسيا في خطة واستراتيجية قيام الكيان الصهيوني (كوطن قومي لليهود ) فقط في ارض فلسطين ، وإنكار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه.
بعد النكبة عاش الشعب الفلسطيني حالة من الضياع والتوهان واستلاب وتمزق الهوية الى منتصف ستينات القرن الماضي ، حين انشئت منظمة التحرير الفلسطينية في مايو 1964 م حيث عقد المجلس الوطني الأول في مدينة القدس برعاية الملك حسين واقرت فيه ميثاقها وتشكيل هيآتها وانتخب قياداتها، حينها اسند اليها صفة تمثيل فلسطين في الجامعة العربية ، ومع انطلاقة فصائل المقاومة و العمل الوطني وانتسابها الى اطر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية باتت بالفعل م.ت.ف ممثلة للشعب الفلسطيني ومعبرة عن آماله وتطلعاته الوطنية في العودة والحرية وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، تأكدت هذة الصفة ل م.ت.ف في القمة العربية في الرباط في اوكتوبر1974 م وما تلاها من اعترفات من قبل الدول الصديقة و تم منح م.ت.ف.صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة ودعيَ الرئيس ياسر عرفات لإلقاء كلمتها امام الجمعية العامة في نوفمبر1974م ، عندها شعر الكيان الصهيوني انه بات وجها لوجه مع الهوية الوطنية الفلسطينة التي عمل على شطبها وتصفيتها قد عادت من جديد وتمثل الخطر و التحدي الأكبر لمشروعه الإحلالي العنصري ، أخذ يضع الخطط والسناريوهات السياسية المختلفة لمواجهة هذا التحدي في وقت مبكر من سبعينات القرن الماضي ، عمل على ضرب الوحدة الوطنية التي جسدتها م. ت.ف كآطار جبهوي جامع وموحد لكافة القوى والإتجاهات السياسية ، كما عمل جاهدا على المس بوحدانية التمثيل السياسي الفلسطيني واغتيال العنوان السياسي الموحد للشعب الفلسطيني الذي جسدته ايضا م.ت.ف . ،
لتحقيق تلك الغايات عمل الكيان الصهيوني على تشكيل روابط القرى في الاراضي المحتلة و عمل على ربط مصالح السكان بها بغرض احداث بديل تمثيلي ينافس م .ت.ف. ويعمل على اضعافها ، و اطلق العنان بشكل رسمي للتيارات السياسية المناوئة ل م. ت.ف و بعض الشخصيات التقليدية لمنافسة م.ت.ف وإضعافها، وقد باءت جميعها بالفشل واسقطت وحوصرت شعبيا، ثم توجه للعب اوراق اخرى منها ورقة التيارات السياسية الدينية التي تعتقد انها في تناقض عقائدي وسياسي مع الحركة الوطنية والقومية واليسارية والعلمانية الفلسطينية المؤطرة في اطار م.ت.ف .. وقدم لها الترخيص الرسمي بتشكيل مؤسساتها وجمعياتها و الدعم المباشر لتنشط في الاوساط الشعبية الفلسطينية عبر الأعمال الإجتماعية الخيرية والدعوية ، قد تبلور عن هذة التيارات في نهاية المطاف انشاء حركتي الجهاد وحماس (كحركتي مقاومة) من خارج اطر ومؤسسات م.ت.ف. اللتان ترفضان لغاية الآن الإندماج والمشاركة في اطر م.ت.ف ، وتتصدر المشهد حركة حماس منافسة لِ م.ت.ف. على وحدانية التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، مثل هذة المواقف من قبل الحركتين تمثل طعنة نجلاء للوحدة الوطنية الفلسطينية و لوحدانية تمثيل م.ت.ف للشعب الفلسطيني .. هذا ما خطط وسعى اليه العدو الصهيوني جاهدا وقد لقي فيه للاسف دعما مباشرا وتبنيا من قوى اقليمية بإسم المقاومة ، جاءت الضربة الاقسى في انقلاب حركة حماس على السلطة والتفرد في حكم قطاع غزة منذ صيف 2007م ولم تجدي معها كافة الجهود والمتغيرات لإنهاء حكمها المنفرد لقطاع غزة ، بل تسعى الى تكريسه و الذي بات يحظى علنا بالدعم والمحافظة عليه من قبل الكيان الصهيوني نفسه وحلفائه لمافيه من خدمة لأهدافه ، و يحظى بدعم ورعاية من دول اقليمية ودولية للاسف .
إن استمرار الإنقلاب وما نتج عنه من انقسام والسلوك السياسي الذي لازالت تسلكه حركة حماس في علاقاتها الداخلية والخارجة قد بات يمثل مساً خطيرا بوحدة الشعب الفلسطيني ووحدانية تمثيله السياسي في ظل جملة المتغيرات التي بات يشهدها العالم والإقليم معا، يتيح فرصة ذهبية للإحتلال وحلفاءه كي يكمل تنفيذ خططه التصفوية وتنفيذ صفقة القرن الامريكية التي من شأنها الإجهاز على تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة والحرية وقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس .
كما لاحظنا في الآونة الاخيرة بدء نشاط محموم لعناصر فلسطينية منفلته غايتها الاساسية التشكيك ب.م.ت.ف وب. سلطتها ، وبمواقفها الواضحة و الصلبة في رفض صفقة القرن الامريكية التصفوية جملة وتفصيلا ، والذي تبلور بقرار اللجنة التنفيذية مؤخرا بالتحلل من كافة الإتفاقات والتعهدات الموقعة مع حكومة الكيان الصهيوني وحكومة الولايات المتحدة .
وتسعى م. ت.ف الى تشكيل جبهة دولية عريضة لمنع الكيان الصهيوني من تنفيذ مساعيه بضم الاراضي الفلسطينية والمستوطنات والقدس وإسقاط صفقة القرن الامريكية ، والعمل على الزام الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بإحترام قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بشأن الاراضي الفلسطينية المحتلة .. والدعوة الى عقد مؤتمر دولي متعدد و فاعل على اساسها لإنهاء الإحتلال والتوصل تسوية تضمن الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة وغير القابلة للتصرف ، التي نصت عليها قرارات الامم المتحدة .
هنا تتجلى اهمية انهاء انقلاب حركة حماس ومانتج عنه من نتائج كارثية وخطورة استمرار اللعب على وتر الوحدة الوطنية و وحدة التمثيل السياسي ، و ضرورة استعادة الوحدة الوطنية بكل مستوياتها والحفاظ على وحدانية التمثيل السياسي ممثلا في م.ت.ف ، واستبعاد واسقاط كافة الاجسام السياسية المشبوهة التي تسعى للعب ادوار مشبوهة متساوقة مع خطط العدو وخطة صفقة القرن الامريكية .
هل تدرك حركة حماس خطورة اللحظة التاريخية التي تمر بها القضية ..وخطورة الدور الذي باتت تؤديه على القضية ، كي تتوقف عن هذا السلوك السياسي المريب والخطير وتنهي فورا انقلابها على السلطة وكافة نتائجه التدميرية وتعلن انها ليست بديلا ولا منافسا ل م.ت.ف وتكون شريكا وداعما لقرار القيادة الفلسطينية في مواجهة سياسات التوسع والضم الإسرائيلية قبل فوات الأوان ، وان تتخلى عن مواقفها التشكيكية والتخذيلية ، هي وبعض الأجسام أو الفصائل الأخرى التي تسيطر عليها منطلقاتها الرغبوية ومصالحها الحزبية والفئوية.
هذا مانسعى له ونتمناه خدمة لفلسطين وقضيتها ، تأكيد تجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية والعمل على رَّصِ الصفوف في اطار م.ت.ف واستشعار درجة الخطر المحدقة بالشعب الفلسطيني وقضيته و التصدي والمواجهة المشتركة لسياسات العدو وحلفائه.
د. عبدالرحيم جاموس
2/06/2020م
Pcommety@hotmail.com

 

التعليقات على خبر: اللعب على وتر الوحدة الوطنية ووحدة التمثيل كارثة وجريمة..!

حمل التطبيق الأن